بعد أربع سنوات عاصفة، يعلّق خبراء الآمال على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ولعل أبرز الملفات التي تثير اهتمام العالم العربي تتمثّل بالعلاقات السعودية-الإيرانية لانعكاساتها المباشرة على المناطق الساخنة في الشرق الأوسط، وبينها لبنان. في هذا الإطار، كتب الرئيس الأسبق للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمن القومي الإيراني، سيد حسين موسويان، والباحث السعودي عبد العزيز بنصقر، مقالة نشرتها صحيفة “الغارديان”. الكاتبان مقرّبان من قيادتي بلديْهما الديبلوماسية- وملمان بالملف اللبناني بشكل خاص، وسبق أن شاركا في عدة ندوات ولقاءات أجرتها مراكز أبحاث لبنانية في لبنان والخارج.
في المقالة المشتركة، اعتبر صقر، وهو رئيس مجلس إدارة ومؤسس مركز الخليج للأبحاث، وموسويان، الخبير في جامعة برنستون الأميركية، وشؤون الشرق الأوسط والسياسة النووية، والمفاوض النووي السابق أنّ إدارة بايدن تتيح فرصة فتح صفحة جديدة بين السعودية وإيران.
وقدما اقتراحاً لحل الخلافات بين البلديْن، موضحيْن أنّه “نتيجة المسار الثاني أو مبادرة القناة الخلفية القائمة بشكل سري منذ أشهر”.
ويدعو الكاتبان إلى التحرك الفوري، إذ يؤكدان: “نستطيع تجنّب صراع اللاغالب ولا مغلوب المندلع بين إيران والسعودية- إذا تحرّكنا الآن”. كما ويحذران من تداعيات بقاء الصراع قائماً بين السعودية وإيران على المنطقة برمتها، منبهيْن من أنّ خطأ واحداً في الحسابات قادر على تحويل الحرب الباردة إلى ساخنة.
إيران ترحب بالانفتاح السياسي في العلاقات مع السعوديةعبد اللهيان: لا يمكن للسعودية دعم الجماعات الإرهابية بيد وحمل غصن الزيتون بأخرى
وإذ أوضح الكاتبان أنّ الرياض تتّهم إيران بالتدخل بالشؤون الداخلية لدول ذات سيادة مثل اليمن وسوريا ولبنان والبحرين والعراق، لفتا إلى أنّ طهران من جهتها تعتبر أنّ السعودية تقوم بالمثل في البلدان المذكورة نفسها.
وعليه، حثّ موسويان وصقر الجانبيْن، “ربما بمساعدة الأمم المتحدة”، على الاتفاق على مجموعة من المبادئ الأساسية تشمل عدم التدخل وحرمة الحدود الوطنية ونبذ العنف واحترام اتفاقية فيينا حول العلاقات الديبلوماسية واحترام الأقليات الدينية والتخلي عن استعمال القوات بالوكالة لتعزيز المصالح الوطنية، على أن تدعم المبادئ أيضاً حرية تدفق النفط والملاحة ونبذ التزوّد بأسلحة الدمار الشامل، وفقاً لـ”الغارديان”.
ويشدّد الكاتبان على أهمية التحرك السريع، فيحذران: “من شأن تأجيل خفض التصعيد أن يمثّل خطأ جسيماً، إذ أثبتت المنطقة مراراً وتكراراً أنّه لا بد من اقتناص فرص الحوار البناء بسرعة متى ما سنحت قبل أن تتلاشى (..)”.
الكاتبان اللذان أقرّا بصعوبة المهمة، اعتبرا أنّ الجانبيْن قد اتخذا خطوات تظهر رغبتهما في تجنب المواجهة الحتمية التي من شأنها أن تنتهي من دون غالب ومغلوب، مذكّريْن بالتعاون الهادئ بشأن تسهيل مشاركة الإيرانيين بالحج.
في تعليقه على المقال المشترك، اعتبر الكاتب البريطاني المتخصص في الشؤون الديبلوماسية، باتريك وينتور، أنّ نقاشات موسويان وصقر تُعّد واحدة من أشكال الحوار القليلة بين السعودية وإيران، معتبراً أنّ موافقة ديبلوماسيي البلديْن الحاليين على هذه النقاشات قد تشير إلى “استعداد جديد” من الطرفيْن لانتهاز عهد بايدن وإنهاء الخصومة بينهما.
يُذكر أنّ وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ألمح في مقابلة مع صحيفة “اعتماد” الإصلاحية إلى نهج إيراني جديد في التعامل مع السعودية، إذ اعتبر أنّ فرصاً ضاعت في الحوار مع الرياض، مشدداً على ضرورة ريادة إيران في هذا المجال .وقال ظريف: “ليست لدينا مصالح ومزاعم في الحصول على موارد دول أخرى، ولذلك، تستطيع إيران البدء بهذا الجهد من موضع القوة، ولا يتعيّن علينا أن ننتظر الآخرين”.